أدخل بريدك ليصلك كل جديد:

من أروع ماقيل عن الصديق


قيل لأعرابي: كيف أنسك بالصديق؟ قال: وأين الصديق، بل أين الشبيه به، بل أين الشبيه بالشبيه به؟ والله ما يوقد ن الضغائن والذحول في الحي إلا الذين يدعون الصداقة، وينتحلون النصيحة، وهم أعداء في مسوك الأصدقاء.


قال الأعمش: أدركت أقواماً كان الرجل منهم لا يلقى أخاه شهراً وشهرين فإذا لقيه لم يزده على كيف أنت، وكيف الحال، ولو سأله شطر ماله لأعطاه، ثم أدركت أقواماً لو كان أحدهم لا يلقى أخاه يوماً سأله عن الدجاجة في البيت، ولو سأله حبة من ماله لمنعه.


قال يحيى بن معاذ: بئس الصديق صديق تحتاج معه إلى المداراة، وبئس الصديق صديق تحتاج أن تقول له: أذكرني في دعائك، وبئس الصديق صديق يلجئك إلى الاعتذار.


قال يحيى بن أكثم:
رأيت شيخاً يدخل على المأمون في السنة مرة، وكان يخلو به خلوة طويلة ثم ينصرف فلا نسمع له خبراً، ولا نرى له أثراً، لا نقدم على المسألة عنه فلما كان بعد قال لنا المأمون: واأسفاً على فقد صديق مسكون إليه، موثوق به، يلقى إليه العجر والبجر، ويقتبس منه الفوائد والغرر، قلنا وما ذاك يا أمير المؤمنين؟ قال: أما كنت ترى شيخاً يأتينا في الفرط، ونخلو به من دون الناس؟ قلت: بلى، قال: فإنه قد تأخر عن إبانه، وأظن أنه قد قضى، قلت: الله يمد في عمر أمير المؤمنين، وما في ذلك؟ قال: كان صديقي بخراسان، وكنت أستريح إليه استراحة المكروب، وأجد به ما يوجد بالولد السار المحبوب ولقد كنت أستمد منه رأياً أقوم به أود المملكة، وأصل به إلى رضاء الله في سياسة الرعية، وآخر ما قال لي عند وداعه أن قال: يا أمير المؤمنين إذا استقش ما بينك وبين الله تعالى فابلله، قلت: بماذا يا صاحب الخير؟ قال: بالاقتداء به في الإحسان إلى عباده، فإنه يحب الإحسان إلى عباده، كما تحب الإحسان إلى ولدك من حاشيتك، والله ما أعطاك الله القدرة عليهم إلا لتصر على إحسانك إليهم بالشكر على حسناتهم، والتغمد لسيئاتهم، وأي شيء أوجه لك عند ربك من أن تكون أيامك أيام عدل وإنصاف، وإحسان، وإسعاف، ورأفة، ورحمة، ومن لي يا يحيى بمثل هذا القائل، وأنى لي بمن يذكرني بما أنا إليه صائر.

من كتاب الصداقة والصديق للتوحيدي.


الإبتساماتإخفاء